إن مهنة المراجعة بشكلها الحالي تستمد نشأتها من حاجة الإنسان إلى التحقق من صحة البيانات المحاسبية التي يعتمد عليها في اتخاذ قراراته والتأكد من مدى واقعية و صحة تلك البيانات الظاهرة.

وتدل الوثائق التاريخية أن هذه الحاجة أول ما ظهرت لدى الحكومات، إذ كانت حكومة قدماء المصريين واليونان تستخدم المراجعين للتأكد من صحة الحسابات العامة، وكان المراجع وقتها يستمع إلى القيود المثبتة بالدفاتر والسجلات للوقوف على مدى صحتها.

وهنا نجد أن كلمة مراجعة Audit أصلها هو الكلمة اللاتينية الكلاسيكية Audire (Audio, Auditum) وبمعنى يستمع.

ثم اتسع نطاق المراجعة ليشمل بذلك المؤسسات الاقتصادية للقطاع الخاص، وهذا نتيجة للتطور الذي مس مختلف الأنشطة والتي منها علم المحاسبة وهذا من خلال إتباع نظام القيد المزدوج.

ولقد ظهرت أول منظمة مهنية في ميدان المراجعة في فينسيا بإيطاليا سنة 1581 وتأسست كلية  Roxonati لتكوين الخبراء المحاسبين، و أصبح على مزاول مهنة المراجعة أن يكون عضوا في هذه الكلية، وانطلقت إلى باقي الدول الأخرى وأصبحت هذه الأخيرة تتجه إلى تنظيم هذه المهنة، وكان لبريطانيا الفضل الأسبق في هذا التنظيم المهني و أصبحت مهنة التدقيق مستقلة في بريطانيا عندما أنشأت جمعية المحاسبين القانونيين بأدنيرة عام 1854.

وبصدور قانون الشركات في بريطانيا عام 1862- والذي ينص على وجوب المراجعة من أجل حماية أموال الملاك من تلاعب الشركات – ساعد على زيادة الاهتمام بمهنة التدقيق، الأمر الذي أدى إلى انتشارها الواسع.

أما فرنسا فلم تعرف مهنة المراجعة إلا في سنة 1881، أما الولايات المتحدة الأمريكية عرفت هذه المهنة عام 1882 أين وجدت المراجعة البيئة الملائمة لزيادة وتيرة التنظيمات المتلاحقة على هذه المهنة، و تم إنشاء المعهد الأمريكي للمحاسبين القانونين سنة 1912، أما باقي الدول كألمانيا فعرفت هذه المهنة سنة 1896، و كندا سنة 1902، وأستراليا سنة 1904، وفنلندا سنة 1911، حتى وصلت إلى أنه لا يخلو بلد اليوم من وجود مهنة المراجعة.

أما في الدول العربية:

مصر 1909 بصدور قانون منظم للمهنة وقد أنشئت جمعية المحاسبين والمراجعين المصريين سنة 1946

العراق 1919 الأردن 1914 اليمن 1976.

أما في الجزائر ظهر أول قانون منظم للمهنة سنة 1971.

2 تعريف المراجعة:

 لقد تعددت التعاريف الخاصة بالمراجعة وتركز جلها على تبيان أهدافها، فنجد أن المراجعة عرفت على أنها "طريقة  منظمة للحصول بموضوعية على أدلة و قرائن الإثبات بخصوص ما هو ظاهر على الدفاتر و السجلات حول الأحداث الاقتصادية للمؤسسة وتقييمها للتأكد من درجة التماثل بين ما هو مثبت وهذه الأحداث وفق مقاييس معينة، ونقل النتائج إلى الأطراف المعنية.

و عرفت منظمة العمل الفرنسي المراجعة " أنها مسعى أو طريقة منهجية مقدمة بشكل منسق من طرف مهني يستعمل مجموعة من تقنيات المعلومات والتقييم بغية إصدار حكم معلل و مستقل، استنادا على معايير التقييم، وتقدير مصداقية وفاعلية النظام والإجراءات المتعلقة بالتنظيم

كما نلاحظ أن جل التعاريف تتميز بالاتساع والعمومية ومن خلال تحليلها يبدو أنها تتميز بالخصائص التالية:

جاءت هذه التعاريف شاملة لكافة أنواع وميادين المراجعة المختلفة؛

جاءت هذه التعاريف جلها تؤكد على ضرورة جمع الأدلة و القرائن وتقييمها بطريقة موضوعية؛

جاءت هذه التعاريف جلها تحدد نتائج أنشطة و أحداث اقتصادية؛

جاءت هذه التعاريف جلها تحدد معايير مقررة مسبقا؛

جاءت هذه التعاريف جلها تحدد ضرورة إيصال نتائج عملية المراجعة للأطراف المعنية؛