جامعة عمار ثليجي-الأغواط

كلية العلوم الإنسانية والعلوم الإسلامية والحضارة

قسم علوم الإعلام والاتصال





المحاضرات  (التكميلية) في مقياس نظريات الإعلام والاتصال للموسم الثاني

السنة الثالثة: اتصال



إعداد/ د. عطاءالله طريف






2019-2020

المحاضرة رقم 03:

نظرية ترتيب الأولويات أو وضع الأجندة

     تهتم بحوث " ترتيب الأولويات " بدراسة العلاقة التبادلية بين وسائل الإعلام، والجماهير التي تتعرض لتلك الوسائل في تحديد أولويات القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تهم المجتمع. كما تؤكد هذه النظرية على وجود علاقة إيجابية بينما ما تؤكده وسائل الإعلام في رسائلها، وبين ما يراه الجمهور هاماً، أي أن دور وسائل الإعلام والاتصال يسهم في ترتيب الأولويات عند الجمهور، ومن ثم فإن هذه الوسائل بهذا المعنى تقوم بمهمة تعليمية.

وتعتبر هذه النظرية أن مثل هذا التأثير هو نتيجة ثانوية للتدفق الطبيعي للأخبار.

افتراض هذه النظرية:

1- وسائل الإعلام لا تستطيع أن تقدم جميع الموضوعات والقضايا التي تقع في المجتمع، وإنما يختار القائمون على هذه الوسائل بعض الموضوعات والقضايا التي يتم التركيز عليها بشدة، والتحكم في طبيعتها ومحتواها، هذه الموضوعات تثري اهتمامات الناس تدريجياً، وتجعلهم يدركونها، ويفكرون فيها، ويقلقون بشأنها، وبالتالي تمثل هذه الموضوعات لدى الجماهير أهمية أكبر نسبياً من الموضوعات الأخرى التي لا تطرحها وسائل الإعلام.

جذور هذه النظرية:

يرجع الباحثون أصول هذه النظرية لبحوث " ترتيب الأولويات إلى " والتر ليبمان" من خلال كتابه " الرأي العام" (1922) حيث يرى أن" وسائل الإعلام تساعد في بناء الصور الذهنية لدى الجماهير، وفي كثير من الأحيان تقدم هذه الوسائل (بيئات زائفة) في عقول الجماهير، وتعمل وسائل الإعلام على تكوين الرأي العام من خلال القضايا التي تهم المجتمع "

وتركز هذه النظرية على أن في مقدور وسائل الإعلام أن تغير الاتجاهات حسب نموذج الآثار الموحدة في دراسات الإعلام المبكرة. وقد تم تجاهل هذه النظرية تماما في الأربعينيات والخمسينيات من القرن 20 .

وبعد ذلك بنحو 40 سنة أعاد الباحث " كوهين " إحياء وجهة نظر "ليبمان" حين زعم أن وسائل الإعلام:" لا تنجح دائماً في إبلاغ الجماهير كيف يفكرون (الاتجاهات)، ولكنها تنجح دائماً في إبلاغهم عما يجب أن يفكروا فيه (المعلومات)".

وقد أشار "إيدلمان" في حديثه أن الاستخدامات الرمزية للسياسات "إلى أن السياسات عبارة عن سلسلة من الصور الذهنية التي يتم نقلها من خلال أخبار التلفزيون والصحف والمجلات والمناقشات لدى غالبية الناس في معظم الأوقات، وتكوّن هذه الصورة الذهنية بانوراما متحركة تقع أحداثها في عالم لا يدركه معظم الجمهور".

وفي دراسة أخرى ركز الباحثان "لانج" على التأثير المتراكم للمعلومات التي تنقلها وسائل الإعلام في رسم الصور الذهنية السياسية لعامة الناس في فترة الانتخابات، ويزعم الباحثان: " أن وسائل الإعلام هي التي تبني القضايا وتحدد الشخصيات، وتقوم بتلك الوظيفة على فترة طويلة، وبالتالي يكون من الصعب إدراك هذا التأثير ورؤيته على الطبيعة، وغالبا ما يتم هذا التأثير بشكل غير مباشر من خلال تهيئة المناخ السياسي، ورسم الصورة الذهنية للأحزاب والمرشحين، وبالتالي تؤثر وسائل الإعلام في النهاية على أصوات الناخبين".

ويتفق "نيمو"مع هذا الرأي حيث يقرر:" أن وسائل الإعلام تساعد على تحديد أولويات الجمهور من خلال تحديد القضايا التي تختلف بشأنها وجهات النظر، وتصلح للنقاش الجماهيري".

ويقسم "كوب" "Cobb" و " ألدر" Elder ترتيب الأوليات- وضع الأجندة من خلال قوة الأجندة السياسية الممكنة للتأثير الذين يشاركون في الأنشطة السياسية، إلى نوعين:

أولاً: الأولويات- الأجندة المنتظمة: ويرجعانها إلى مجموعة عامة من الاختلافات السياسية التي تقع في مدى الشرعية والتي تتعلق باستحواذ اهتمام الجمهور. وفي الصحافة العربية نجد من أشكال الأجندة المنتظمة مثل : الصراع العربي الصهيوني، ...

ثانياً:الأولويات (الأجندة) المؤسساتية: ويضعها أصحاب القرار في مؤسسة ما، وهي عبارة عن مجموعة الموضوعات المبرمجة لسبب جاد وفعال. وتلعب وسائل الإعلام دوراً هاماً في تصعيد مجموعة قضايا من الأولويات- الأجندة المؤسساتية فتصبح ضمن الأولويات- الأجندة المنتظمة. وهناك فرصة لعودتها مرة أخرى إلى أوليات الأجندة المؤسساتية.

مثل: كأن ترى وزارة ما إثارة قضية تعتبرها من أوليات عملها، وتريد أن تنقل أهميتها لدى الجمهور. فتعمل على إشراك وسائل الإعلام بتبني هذه الأجندة- الأولويات وطرحها على الجمهور، مما قد يؤدي إلى أن تصبح من الأولويات المنتظمة.

أنواع بحوث وضع الأولويات: حدد " شاو" و "مارتن"04 أنواع لقياس ترتيب الأولويات وهي:

1- نموذج يركز على قياس أولويات اهتمامات الجمهور، وأولويات اهتمامات وسائل الإعلام اعتمادا على المعلومات التجميعية.

2- نموذج يركز على مجموعة من القضايا، ولكن ينقل وحدة التحليل من المستوى الكلي الذي يعتمد على معلومات تجميعية إلى المستوى الفردي.

3- نموذج يعتمد على دراسة قضية واحدة في وسائل الإعلام، وعند الجمهور انطلاقا من فكرة أن التأثير يختلف من وقت لآخر.

4- نموذج يدرس قضية واحدة، وينطلق من الفرد كوحدة للتحليل.

توجد استراتيجيتين لوضع الأولويات، هما:

1- دراسة مجموعة القضايا السائدة في وسائل الإعلام وعند الجمهور على فترة زمنية واحدة أو فترتين.

2- دراسة قضية واحدة على فترات زمنية واحدة على فترات مختلفة، أي دراسة ممتدة.

ويستخدم تحليل المحتوى لحصر الموضوعات التي تؤكد عليها وسائل الإعلام، من خلال التركيز على عدة وسائل إعلامية أو وسيلة معينة.

           قياس أولويات الجمهور يتم من خلال أسلوب المسح بإحدى الطريقتين:

1- توجيه الأسئلة المفتوحة. مثل: ماهي أكثر القضايا السياسية من حيث الأهمية في المجتمع؟ بإعطاء الحرية للمبحوث في تحديده للقضايا.

2- توجيه الأسئلة المغلقة: من خلال إمداد المبحوث بقائمة مختارة من الموضوعات التي يمكن أن تشكل الأولويات، ليرتبها المبحوث حسب إدراكه الشخصي.

    وفي الأخير نصل إلى أن وضع الأجندة كوظيفة تأثيرية لوسائل الإعلام لها دور في صنع الثقافة السياسية للجمهور، بحيث أنها تربط بين تصور إدراك الناس للواقع السياسي وبين شؤون والاهتمامات اليومية السياسية اليومية، فوسائل الإعلام تلعب دوراً من خلال وضع الأجندة دوراً اجتماعياً، بتحقيق الاجماع حول بعض الاهتمامات عند الجمهور، التي يمكن أن تترجم إلى رأياً عاماً. لكنها تتأثر ببعض المتغيرات من خلال : طبيعة القضايا، درجة الفضول لدى الجمهور، استخدام الاتصال المباشر، أهمية القضايا، الخصائص الديمغرافية، توقيت إثارة القضية، نوع الوسيلة الإعلامية المستخدمة، المدى الزمني.

المحاضرة رقم 04:

نظرية حارس البوابة الإعلامية

تمر الرسالة بمراحل عديدة حتى تنتقل من المصدر حتى تصل إلى المتلقي وتشبه هذه المراحل السلسلة المكونة من عدة حلقات، أي وفقاً لنظرية المعلومات فالاتصال هو مجرد سلسلة تتصل حلقاتها.

وأبسط أنواع السلاسل هي سلسلة الاتصال المباشر المواجهي من فرد إلى أخر. ولكن هذه السلاسل في حالة الاتصال الجماهيري تكون طويلة جداً لأن المعلومات التي تدخل شبكة اتصال معقدة مثل الجريدة، أو محطة الإذاعة أو التلفزيون، عليها أن تمر بالعديد من الحلقات أو الأنظمة المتصلة. فالحدث الذي يحدث في الهند أو فيتنام، يمر بمراحل عديدة قبل أن يصل إلى القارئ في أمريكا أو أوربا أو شمال أفريقيا. ونجد أن قدر المعلومات التي تخرج من بعض تلك الحلقات أو الأنظمة أكثر مما قد يدخل فيها، لذلك يسميها شانون أجهزة تقوية. فأجهزة التقوية أي وسائل الإعلام تستطيع أن تصنع (في نفس الوقت) عدداً كبيراً جداً من الرسائل المتطابقة لنسخ الصحف، وتوصيلها للجمهور. كما يوجد في هذا النوع من السلاسل، شبكات معينة من الأنظمة داخل الأنظمة.

فوسائل الإعلام نفسها هي شبكات من الأنظمة المتصلة بطرق معقدة بحيث تقوم بوظيفة فك الكود والتفسير وتخزين المعلومات ثم وضعها مرة أخرى في كود، وهي الوظيفة التي يؤديها كل القائمين بالاتصال. كذلك فإن الفرد الذي يتلقى رسائل وسائل الإعلام هو جزء من شبكة علاقات موجودة داخل الجماعة، ويعاون أسلوب عمل هذه الشبكة على توقع أو تحديد كيف سيستجيب الفرد على الرسالة. والمجتمع الذي ترتفع فيه نسبة المتعلمين ودرجة التصنيع، يزداد اعتماده على سلاسل وسائل الإعلام. أما المجتمع الذي تنخفض فيه نسبة المتعلمين ودرجة التصنيع، فتنتقل فيه غالبية المعلومات عن طريق سلاسل الاتصال الشخصي.

ومن الأمور الجديرة بالملاحظة أنه في المجتمعات التي تخضع فيها وسائل الإعلام للسيطرة القومية، يبدأ الأفراد في التشكك في صدق ما تنشره سلاسل الاتصال الجماهيرية. لذلك تصبح سلاسل الاتصال الشخصي المواجهي، من فرد إلى فرد، هامة جداً وطويلة جداً، وتتطور بجوار سلاسل وسائل الإعلام الجماهيرية. وفي هذه الحالة نجد أن سلاسل الاتصال الشخصي، التي تنقل الإشاعات والأقاويل والمعلومات الخفية، بجميع أنواعها- من فرد إلى فرد- تقوم بالرقابة على وسائل الإعلام وتكملة نواحي النقص فيها.

عمل سلاسل الاتصال:

من الحقائق الاتصالية التي أشار إليها العالم كرت لوين أن هناك، في كل حلقة بطول السلسلة، فرداً ما، يتمتع بالحق في أن يقرر ما إذا كانت الرسالة التي تلقاها، سينقلها أو لن ينقلها، وما إذا كانت تلك الرسالة ستصل إلى الحلقة التالية بنفس الشكل الذي جاءت به، أم سيدخل عليها بعض التغييرات والتعديلات. وحراسة البوابة تعني السيطرة على مكان استراتيجي في سلسلة الاتصال بحيث يصبح لحارس البوابة سلطة اتخاذ القرار فيما سيمر في بوابته، وكيف سيمر، حتى يصل في النهاية إلى الوسيلة الإعلامية ومنها إلى الجمهور.

يقول لوين أن المعلومات تمر بمراحل مختلفة حتى تظهر على صفحات الجريدة أو المجلة أو في وسائل الإعلام الالكترونية، وقد سمى لوين هذه المراحل " بوابات". وقال أن هذه البوابات تقوم بتنظيم كمية أو قدر المعلومات التي ستمر من خلالها. وقد أشار لوين إلى أن فهم وظيفة " البوابة " يعني فهم المؤثرات أو العوامل التي تتحكم في القرارات التي يصدرها " حارس " البوابة.

بمعنى أخر، هنا كمجموعة من حراس البوابة يقفون في جميع مراحل السلسلة التي يتم بمقتضاها نقل المعلومات. يتمتع أولئك الحراس بالحق في أن يفتحوا البوابة أو يغلقوها أمام أي رسالة تأتي إليهم، كما أن من حقهم إجراء تعديلات على الرسالة التي ستمر.

مثل: يستطيع أي فرد أن يقرر ما إذا كان سيكرر أو يردد إشاعة معينة أو يرددها. ونحن +نعلم أن الإشاعات حينما تنتقل من فم إلى فم تطرأ عليها- في الغالب- بعض التغييرات وتتلون بالاهتمامات الخاصة للفرد الذي يقوم بنقلها أو بمعلوماته، حينما تطول السلسلة، نجد أن بعض المعلومات التي تخرج من نهايتها لا تشبه المعلومات التي دخلتها في البداية إلاَّ في نواحي قليلة. فإذا أخذنا في الاعتبار ما يحدث في السلاسل التي تحمل الأخبار حول العالم، وتتبعنا خبرا من الأخبار ينتقل على سبيل المثال من اليابان أو الهند إلى المدينة في إحدى ولايات أمريكا، نلاحظ أنه يمر بمراحل كثيرة... أول حارس بوابة في هذه الحالة هو الفرد الذي يلاحظ الحدث وقت وقوعه، ولنفترض أن الذي حدث كارثة طبيعية. هذا الفرد ينتقي- بلا شعور- أشياء معينة يلاحظها ولا يلاحظ أشياء أخرى. أي يرى أشياء ويغفل أشياء أخرى، وقد يتحدث ويشير إلى نواحي ويهمل نواحي أخرى.

يعد حارس البوابة الأول هذا يأتي حارس البوابة الثاني، المخبر الصحفي الذي يحصل على الخبر من شاهد العيان هذا، أي الفرد الذي شاهد الفيضان نفسه. وقد يتصل الصحفي بأكثر من شاهد عيان لكي يُكون فكرة كاملة عن الحادث. وفي جميع الحالات، يقوم المخبر هو الآخر بانتقاء أو اختيار الحقائق التي سينقلها والحقائق التي سيهملها، فهو الذي سيقرر الجوانب التي سيختارها ويحدد مدى الأهمية التي سيعطيها للحدث. بعد ذلك يسلم المخبر الخبر إلى مكتب وكالة الأنباء التي يتبعها. وفي الوكالة يقوم محرر آخر باتخاذ قرار معين عن تلك القصة الإخبارية. يقرر ما إذا كان سيختارها من مئات الأنباء يغيرها أو ينقلها كما هي. وبعد ذلك يأتي دور محرر الأخبار الخارجية الذي يتلقى البرقيات في الجريدة ويقرر مدى الأهمية التي سيعطيها للقصة الإخبارية وبالتالي المساحة التي يجب أن تخصص لها. لذلك لا بد في النهاية من الاختيار بين المواد الكثيرة التي تصل الوكالة أو الصحيفة.

وفيما يلي عرض لأهم النماذج التي حاولت شرح عملية "حراسة البوابة":

أ‌- نموذج شوميكرShoemaker : والذي قدمته في إطار بحثها لوضع نظرية متكاملة تشرح العوامل التي تؤثر على المضمون الإعلامي، حيث قامت بتقسيم عملية "حراسة البوابة" على خمسة مستويات هي:

1- المستوى الفردي والذي يتعلق بدراسة القائم بالاتصال وقيمه واتجاهاته الفردية، وتأثيرها على المضمون الإعلامي.

2- المستوى المهني، ويتعلق بأسس المهنة والقيم الإخبارية المتعارف عليها، والضغوط المهنية مثل ضيق الوقت.

3- المستوى المؤسسي، ويتعلق بالأسواق والجماهير، ووسائل الإعلام المنافسة.

4- المستوى المجتمعي، ويتعلق بالأيديولوجية أو الثقافة السائدة في المجتمع، فضلا عن تأثير الصفوة السياسية والثقافية.

ب‌- نموذج بينيت Bennet : ويشير إلى أن عملية اختيار الأخبار تخضع لما يسمى بنموذج الحراسة"متعددة البوابات". حيث توجد أربعة عوامل أساسية تحكم عملية اختيار الأخبار، ويعتبر كل عامل بوابة منفصلة يتم ترشيح الاخبار من خلالها، ويمكن تلخيصها فيما يلي:

1- الأحكام التي يصدرها الصحفي بناء على سماته الشخصية والمهنية.

2- نظام العمل"الروتين" الخاص بالمؤسسة الإعلامية، والذي يحدد العلاقة بين الصحفي والمصادر الإخبارية.

3- القيود الاقتصادية التي تحكم إنتاج الأخبار.

4- تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتي تضع حدودا للوقت والمساحة في العمل الإخباري.

ووفقا لبينيت Bennet فإن هذه العوامل تحكم المحتوى الإخباري النهائي لوسائل الإعلام، حيث تؤثر في القرارات التي يمكن ان تؤخذ في المؤسسة الإعلامية، وطرق جمع المعلومات، كما تحدد دور الصحفي وعلاقته بجمهوره، فضلا عن علاقة المؤسسات الإعلامية بالحكومات.

من الواضح أن حارس البوابة الذي يقول "نعم" او "لا" على الرسائل التي تصله على طول السلسلة يلعب دوراً هاماً في الاتصال الاجتماعي. وبعض حراس البوابة أهم من غيرهم، وبعضهم يركز على بعض الأشخاص في المجتمع "ذوو النفوذ" أو قادة الرأي

المحاضرة رقم 05:

نظرية التوقعات الاجتماعية

ينظر علماء النفس إلى السلوك الانساني بمقياس العمليات الداخلية التي تكوّن التصرفات وبدائل السلوك عند الفرد، ومهمة البحث أن يكشف عن القوى أو العوامل التي تؤثر في عقول الأفراد، والتي تفسر بدائل الاستجابة للمؤثرات التي يتعرض لها الفرد من خلال الوظائف المعتمدة على الحواس.

وأوضح علاء الاجتماع حقيقة الانسان هي الطبيعة الاجتماعية إلى أقصى حد، فهو يتم ولادته في نطاق عملية اجتماعية، وينشأ في جماعة تتسم بروابط وثيقة ومتبادلة بين الأفراد، حيث يعيشون في شبكة من التفاعلات الاجتماعية المعقدة، فالإنسان هو أبعد ما يكون كائن فردي مستقل يستجيب فقط للمؤثرات، ولهذا السبب يركز علماء الاجتماع والانثروبولوجي على عملية التفاعل الاجتماعي، أي الأحداث التي يمكن ملاحظتها، والتي تتم بين الأفراد، وليس داخل أجهزتهم العصبية أو تركيباتهم المبنية على المعرفة.

ومهما يكن حجم الجماعة، ومهما تكن درجة تعقيدها، فإن العناصر الأساسية للتنظيم الاجتماعي يمكن فهمها على أساس 04 مفاهيم أساسية: هي المعايير ، والأدوار، والرتبة، والعقوبات.

المعايير : هي القواعد العامة التي يجب فهمها وإتباعها بواسطة جميع الأفراد.

الأدوار:هي قواعد السلوك، فهي تحدد أدوار متخصصة يلعبها الأفراد في نشاطات الجماعة مثل: الأزواج والزوجات والأطفال يلعبون أدوارا محددة في الأسرة. وتتيح الأدوار للناس الذين يتصرفون جماعيا بطريقة متناسقة أن يحققوا الأهداف التي لا يمكن تحقيقها إذا تصرف كل فرد وحده. والعوامل الرئيسية هنا هي التخصص في الأنشطة، واعتماد أفراد الجماعة على بعضهم البعض، مثل : فريق كرة القدم.

الرتبة:يحصل كل عضو في الجماعة على مركز أو وضع داخل الهيئة التي تتولى السلطة والمقسمة إلى مراتب .

العقوبات:توجد في كل جماعة بهدف الحفاظ على السيطرة الاجتماعية، وداخل كل جماعة هناك اتجاه نحو السلوك المنحرف، وهذا السلوك يحد من كفاءة تحقيق الأهداف، ولهذه الأسباب يتم تطبيق العقوبات السلبية لردع المنحرفين.

وبوجه عام يركز التنظيم الاجتماعي على الأحداث التي تقع بين الناس، أكثر مما يهتم مما يجري داخل رؤوسهم. زمن الواضح أن الناس يجب أن يتعلموا المعايير والادوار والرتب والجزاء داخل الانظام الاجتماعي، حيث أن التوقعات الثابتة التي يتسم بها التنظيم الاجتماعي يمكن أن يكون لها تأثير قوي على سلطة الأفراد الخاضعين لهذا النظام

الصور التي تعرضها وسائل الإعلام كمصادر للتوقعات الاجتماعية:

تعد وسائل الاتصال الجماهيرية مصدرا مهماً للتوقعات الاجتماعية النموذجية حول التنظيم الاجتماعي لجماعات معينة في المجتمع الحديث. وبمعنى آخر، فإن مضمون وسائل الإعلام يصف المعايير والأدوار والرتب والعقوبات لكل أنواع الجماعات المعروفة في الحياة الاجتماعية المعاصرة تقريباً.

فمثلاً عندما يتعرض الشباب الصغير لوسائل الإعلام المختلفة، فإنهم يرون عشرات من الجماعات المختلفة مثل: العصابات الإجرامية، والمطاعم الحديثة، وفرق الجراحين، والشرطة، والعائلات الغنية، وفرق الموسيقى، والمهنة المختلفة...إلخ من النماذج، ويستطيع الصغار أن يتعلموا من مصادر الإعلام نوع السلوك والدور المتوقع منهم إذا أصبحوا مخبرين خصوصيين، أو أساتذة بالجامعة، أو مدرب كرة قدم. كذلك يستطيعون رؤية نماذج الشرف الاجتماعي والخزي الاجتماعي، والسلوك الذي يدل على الاحترام أو الازدراء، ويشاركون الآخرين في الحصول على المكافآت التي تصاحب السلوك المرغوب، او العقوبات التي تنتج عن ممارسة السلوكيات الضارة بالمجتمع.

وعلى هذا الأسااس فنظرية التوقعات الاجتماعية تتعلق بعوامل التطور الاجتماعي لوسائل الإعلام، والتي تنتج عن تصوير نماذج ثابتة لحياة الجماعة.

وتحدد مثل هذه النماذج ما هو متوقع من الأفراد عندما ينتسبون إلى بعضهم بعضاً في الأسرة، وعندما يتعاملون مع زملائهم في العمل، أو عندما يذهبون لدور العبادة، أو يدرسون، أو يشترون سلعاً استهلاكية، أو يشاركون في حياة الجماعة بطرق مختلفة.وتساعد وسائل الإعلام بذلك على تحديد التوقعات التي يكتسبها الأعضاء الممثلون للجماعات قبل أن يساهموا فعلاً في النشاطات المنظمة للجماعة. وتعتبر وسائل الإعلام أيضاً مصدراً من التوقعات حول كيفية تصرف الناس في الأنواع الأخرى من الجماعات يتألف منها المجتمع. 

ويمكن تلخيص الفكرة الأساسية لنظرية التوقعات الاجتماعية فيما يلي:

1- إن نماذج التنظيم الاجتماعي التي تظهر على شكل: معايير، وأدوار، ورتب، وعقوبات أو مكافآت، تتعلق بجماعات معينة، ويتم غالبا تصويرها في المضمون الإعلامي.

2- قد يكون هذا التصوير الإعلامي لنماذج التنظيم الاجتماعي حقيقياً أو مشوهاً، جديراً بالثقة أو مضللاً.

3- مهما كانت علاقة هذه الصور بالحقيقة والواقع، فإن جماهير المستقبلين يستوعبون هذه التحديدات وتصبح هذه الصور هي مجموعة التوقعات الاجتماعية التي تعلموها كنماذج للسلوك.

4- تعتبر هذه التوقعات جزءاً مهماً من فهم الناس المسبق للسلوك المطلوب أن يتبعه المشاركون في الجماعات التي سوف يصبحون أعضاء فيها.

5- تعتبر هذه النماذج الإعلامية جزءاً مهماً من معلومات الجماهير عن النظام الاجتماعي السائد.

6- تفيد التوقعات الاجتماعية الأفراد في تحديد كيف يتصرفون شخصياً تجاه الآخرين الذين يلعبون أدواراً في جماعات معينة، وكيف يتصرف الآخرون اتجاههم في مختلف الظروف الاجتماعية.

وتعتمد نظريات التوقعات الاجتماعية على صياغة أكثر بساطة ، فهي تعتمد على ما يلي:

1- تقوم وسائل الإعلام بنقل المعلومات المتعلقة بقواعد السلوك الاجتماعي التي يتذكرها عضو الجماعة.

2- تؤثر هذه العملية بشكل واضح في السلوك العلني لأفراد الجماعة.

وبذلك تقدم نظريات التوقعات الاجتماعية تفسيراً للمؤثرات بعيدة المدى وغير المباشرة التي يحققها التعرض لوسائل الإعلام، فهي تنظر إلى وسائل الإعلام كعامل مساعد للتعلم ( غير متعمد وغير مخطط له ).

وبهذا المفهوم، تعتبر نظرية التوقعات الاجتماعية، تقدم التأثيرات بعيدة المدى، وتسعى هذه النظرية إلى إثبات أن الناس يستخدمون وسائل الاتصال الجماهيرية كمصادر لتوجيه سلوكهم بما يساعدهم على التكيف مع العالم المعقد الذي يعيشون فيه، سواء أحدث ذلك عن قصد أم عن غير قصد.

ويمكن استخدام هذه النظرية كأساس نظري للملاحظة المنظمة والمنهجية لمحتوى وسائل الإعلام، ورصد النماذج، وتصوير التوقعات الاجتماعية على المدى الطويل سعياً وراء تبين آثار عملها في السلوك اليومي للمواطنين في مجتمعنا الذي تزداد فيه أهمية وسائل الإعلام.





المحاضرة رقم 06:

نظرية المعايير الثقافية

ترى هذه النظرية أن وسائل الإعلام لا تؤثر فقط وبطريق مباشر على الأفراد، ولكنها تؤثر أيضا على ثقافة وحجم المعرفة والمعايير والقيم في المجتمع، وتشكل الأفكار والصور والسلوك على المدى الطويل. كما تقوم وسائل الإعلام من خلال هذه النظرية بوضع الأفكار والتصورات الممكنة والتقييمات التي يستطيع أفراد الجمهور أن يرسموا اختياراتهم السلوكية في إطارها.

وقد طور هذه النظرية الباحث ملفن ديفلور وصاغها فيما يلي :" إن وسائل الإعلام من خلال العروض الانتقائية والتركيز على مقولات معينة تخلق انطباعات لدى جمهورها..تشكل فيما بعد أنماطا ثقافية عامة نحو الأفكار والأحداث والقضايا المعروضة. ولما كان السلوك الشخصي يوجه بواسطة الأنماط الثقافية التي هي انطباعات أو عوامل انطباعية عن موضوع أو حدث أو موقف معين، فإن وسائل الإعلام ربما تؤثر بشكل غير مباشر على السلوك.

والواقع أن هذه النظرية ترجع في الأساس إلى مقولة والتر ليبمان " إن وسائل الإعلام تشكل الصور الذهنية في عقولنا ". وقد اعتمدت بعض البحوث على فرضيات هذه النظرية لتأكيد الدور المعرفي لوسائل الإعلام، ومن أبرزها بحوث جربنر حول الدور المعرفي للتلفزيون، الذي خلص فيها إلى أن المشاهدين الذين تعرضوا بانتظام لموضوعات معينة في التلفزيون كانت إجاباتهم عن أسئلة معرفية معينة حول هذه الموضوعات مختلفة عن إجابات أقرانهم الذين لم يتعرضوا بشكل بشكل منتظم.فقد كشف أن معلومات المشاهدين الذين تعرضوا بانتظام لموضوعات حول سكان الولايات المتحدة ونسبتهم من سكان العالم.

وفي بحث آخر وجد أن المشاهدين الذين تعرضوا بانتظام أعطوا معلومات أكثر دقة حول نسبة الأمريكيين العاملين في البوليس، وأن لديهم إدراك أكبر بخطورة مضامين العنف في التلفزيون.

وبالرغم من تخلي ديفلور عن هذه النظرية وتجاهلها في الطبعة الثالثة من كتابه " نظريات الإعلام " إلاَّ أن بعض الباحثين مثل سيفرين وغيره، لازالوا يعتقدون في قدرة هذه النظرية على العمل بكفاءة عالية في بعض الدراسات مثل دراسات الدور المعرفي والأثر المعرفي لوسائل الإعلام، مثل دور التلفزيون والصحف في تشكيل الإدراك والأنماط المعرفية حول العنف وتشكيل الأنماط والعادات والتصورات الجنسية وتشكيل الصور الذهنية نحو الأقليات وتشكيل ودعم القيم المادية والاستهلاكية.

وقد تم تطوير هذه النظرية في نظرية أكثر شمولاً هي نظريات التوقعات الاجتماعية التي تفسر دور وسائل الإعلام في نقل الصور الذهنية الخاصة بالحياة الاجتماعية التي يتعلم منها الأفراد والجماعات البشرية الأنماط والأدوار والضبط الاجتماعي.

وتفسر نظريات بناء المعاني الدور الذي تقوم به وسائل الإعلام في الربط بين المصطلحات والمفاهيم المجردة وبين معانيها ومساعدة أفراد المجتمع في فهم هذه المصطلحات والمفاهيم وبالتالي فهم العالم والمجتمع المحيط بهم. والفرضية الرئيسية لهذه النظرية أن المعاني التي يحملها الناس للكلمات والمصطلحات المختلفة تتأثر بشدة بتعرضهم لمضمون وسائل الإعلام . هذه المعاني تشكل على المدى الطويل فهم المجتمع وسلوكه في المواقف المختلفة. فوسائل الإعلام من خلال رسائلها على المدى الطويل تقدم المفاهيم والكلمات الجديدة التي يستخدمها الناس لوصف الأشياء والمواقف والأحداث، وتشرح معانيها وتخلق صورة ذهنية عنها، وبالتالي تؤثر على سلوك الناس تجاهها.

الأثر المعرفي لوسائل الإعلام Cognitive & Compehension effects 

الأثر المعرفي لوسائل الإعلام يعد أحد أهم مستويات التأثير الجمهور، ويضعه الباحثون كمقدمة أساسية لعمل مستويات التأثير الأخرى. وتشير الدراسات في هذا المجال إلى أن جمهور وسائل الإعلام ينتقل من الإضافة المعرفية التي تقدمها له وسائل الإعلام في موضوع معين إلى فهم المضمون ثم إلى تغيير اتجاهاته وقيمه قبل أن يتحقق الأثر السلوكي. كما يعد تحقيق الأثر المعرفي أسهل مستويات تأثير وسائل الإعلام. إذ تبدو مهمة خلق المعرفة لدى الجمهور أسهل من مهمة تحقيق الفهم التي أسهل أيضا من مهمة تعديل أو تغيير الاتجاهات، والأخيرة أسهل من مهمة تغيير السلوك.

وفي الحقيقة أن البحوث في مجال قياس الأثر المعرفي لوسائل الإعلام تحاول الإجابة عن السؤال التالي:

ما مدى فاعلية وسائل الإعلام في إمداد الجمهور بالمعارف التي تقع خارج إطار خبراته المباشرة ؟ وما مدى فاعليتها في تحقيق مستوى مرتفع من الفهم لهذه الخبرات ؟

       ويتحقق الأثر المعرفي لوسائل الإعلام في موضوع معين من خلال :

1- تكرار التعرض لمضامين متشابهة حول نفس الموضوع على فترات زمنية متباعدة.

2- وقوع الموضوع خارج إطار الخبرة المباشرة للجمهور. إذ يمكن أن تؤثر الخبرة السابقة في الموضوع إيجاباً أو سلبًا على الأثر المعرفي لوسائل الإعلام. ولذلك يتم قياس الأثر المعرفي في الغالب على الموضوعات أو المضامين الأجنبية أو التاريخية أو العلمية.

3- وقوع الموضوع في إطار اهتمامات جمهور الوسيلة المستهدف. إذ لا يمكن أن يتحقق الأثر المعرفي لمضمون رياضي أو اقتصادي – على سبيل المثال- في مجلة أدبية، والعكس صحيح إلى حد كبير.

إن التركيز على دراسة تأثير وسائل الإعلام على المعارف تعد من التحولات المهمة و الحديثة في نفس الوقت في بحوث التأثير، على أساس التغير في المعارف ( الفردية والمجتمعية ) شرط مسبق وأساسي لتحقيق التغير في الاتجاهات والأنماط الثقافية والسلوك الاجتماعي. وقد ارتبط بهذا التحول تحول آخر مماثل يركز على دور وسائل الإعلام في تشكيل وإعادة تشكيل معارف وتصورات جمهورها والمجتمع ككل. وقد اتسقت هذه التحولات في بحوث الأثر مع تزايد اهتمام الباحثين بدراسة التأثير التراكمي طويل المدى لوسائل الإعلام على المجتمع، وعدم الاقتصار على قياس التأثيرات الفورية قصيرة المدى على الأفراد.

وتقوم فكرة الأثر المعرفي لوسائل الإعلام على أساس أن وسائل الإعلام تمارس تأثيرها أو معظمه عن طريق تقديم المعرفة والأحكام الأساسية حول الموضوعات التي تقع خارج إطار الخبرة الشخصية والمباشرة للفرد والمجتمع، ومن خلال هذه المعرفة يشكل الناس اتجاهاتهم وآرائهم نحو قضايا الأحداث والأفكار المطروحة، ومن ثم سلوكهم.













المحاضرة رقم 07:

نظريات البناء التنظيمي لوسائل الإعلام

    يتجه الكثير من علماء الاجتماع إلى وصف العمليات الاجتماعية في إطار الاتجاه نحو تشكيل المؤسسات Institution أو المؤسساتية التي تقوم بالوظائف الاجتماعية في المجتمع.

والمؤسسات هي تنظيم يقوم بوظيفة اجتماعية، وهي بناءات لنشر الأفكار العامة، وامتداد للحالات الإنسانية، وهي عمل جماعي للأفراد في المجتمع. ومهما اختلفت النظم فهي تنظيم اجتماعي يُحول الفردية ويصهرها في إناء عام، ويقوم على الأهداف الاجتماعية بالدرجة الأولى وليس على الأهداف الفردية.

والمفهوم المؤسسي يطرح العديد من المفاهيم حول الهدف من قيام المؤسسة، والتنظيم الداخلي للعاملين الذين يقومون بتحقيق هذا الهدف، واتجاه السيطرة والضبط، والعلاقات الداخلية وتقسيم العمل وكل ما يؤثر داخلياً على المنتج النهائي. هذا ما يطرح العديد من التساؤلات الخاصة بالتعاون أو الصراع، والسيطرة والضبط، والاستقلال والتبعية، والفرد أو المجتمع، والتي تظهر واضحة في التفسيرات الخاصة بحركة هذه المؤسسات اتجاهاتها نحو المؤسسات أو النظم التي تتعامل معها.

مفهوم المؤسسة الإعلامية وخصائصها من منظور البناء التنظيمي لوسائل الإعلام:

المؤسسة الإعلامية هي مطلب اجتماعي واقتصادي بالدرجة الأولى، فالمؤسسة الإعلامية ينطبق عليها المفهوم المؤسسي بكل أبعاده. فهي الأداة الرئيسية لعملية الإعلام بكل خطواتها، بدءاً من اختيار الفكرة وصياغتها في رسالة ذات محتوى وشكل معين إلى أن تصل إلى جمهور المتلقين لتحقيق وظائف أو غايات معينة ذات علاقة الفرد والمجتمع.

ومن الناحية الاقتصادية أدى اعتماد وسائل الاعلام على التكنولوجيا المتطورة إلى النظر إليها كصناعة، فوسائل الإعلام هي بناءات صناعية لإنتاج المحتوى مهما كان المالك أو المستثمر. وهذا ما يتطلب مقومات البناء المؤسسي الذي يقوم بانجاز الأعنال لتحقيق أهداف المؤسسة.

خصائص المؤسسة الإعلامية حسب "دينيس وماكويل" فيما يلي:

- أنها تهتم أساساً بإنتاج وتوزيع المعرفة في شكل معلومات وأفكار وثقافة، وذلك تلبية للحاجات الاجتماعية التي تشكل في مجموعها حاجات الأفراد.

- تقدم القنوات الاتصالية الناس بعضهم بعضاً، مرسل إلى مستقبل، أعضاء الجمهور إلى آخرين منهم، أي فرد إلى المجتمع ومؤسساته. وهي ليست قنوات عضوية للشبكات الاتصالية فقط ولكنها قنوات للفهم والعادات، تحدد ما يجب، وما يفضل تقديمه لمن.

- تعمل في المجال العام حيث يرتبط بلأحداث التي يعيشها الرأي العام.

- مشاركة الجمهور في المؤسسات الإعلامية، كأعضاء في النظام، ليست إلزامية خلاف غيرها من المؤسسات الأخرى مثل التعليمية أو الدينية أو السياسية، والعلاقة لا تمثل ممارسة للقوة أو النفوذ.

- علاقة المؤسسة الإعلامية والاتصالية بالمجتمع يمكن ألاَّ تكون سلطة المجتم أكثر من كونها حلقة في التظيم بين منتجي الرسائل(في الأعلى) والجمهور(في الأسفل).لكنها ترتبط بالسوق والصناعة من خلال التكنولوجيا، إلاَّ أنها ترتبط بشكل متباين بقوة الدولة من خلال آلية التشريعات والأفكار الشرعية التي تختلف من دولة إلى أخرى.

1- النظرية البنائية الوظيفية Structural Functionalism

     تفترض هذه النظرية تكامل الأنشطة في المجتمع بغرض تحقيق التوازن والاستقرار، وذلك نظراً لتوزيع الوظائف بين عناصر هذا التنظيم بشكل متوازن، يحقق الاعتماد المتبادل بين هذه العناصر. 

فالبنائية تُشير إلى تحديد عناصر التنظيم والعلاقات التي تقوم بين هذه العناصر. والوظيفية تحدد الأدوار التي يقوم بها كل عنصر في علاقته بالتنظيم الكل، وهو مدى مساهمة العنصر في النشاط الاجتماعي الكلي. ويتحقق الثبات والاتزان من خلال توزيع الأدوار على العناصر في شكل متكامل وثابت.

والتنظيم في رأي هذه النظرية هو غاية كل بناء في المجتمع، حتى يحافظ هذا البناء على استقراره وتوازنه. ولا يسمح التنظيم بوجود أي خلل في هذا البناء سواء من حيث العلاقات أو الوظائف، يؤثر على التوازن والاستقرار.

      ويتفق الباحثون على عدد من المسلمات الخاصة بهذه النظرية وهي:

1- النظر إلى المجتمع على أنه نظام يتكون من عناصر مترابطة، وتنظيم لنشاط هذه العناصر بشكل متكامل.

2- يتجه هذا المجتمع في حركته نحو التوازن، ومجموع عناصره تضمن استمرار ذلك. بحيث لو حدث أي خلل في هذا التوازن، فإن القوى الاجتماعية سوف تنشط لاستعادة هذا التوازن.

3- كل عناصر النظام والأنشطة المتكررة فيه تقوم بدورها في المحافظة على استقرار النظام.

4- الأنشطة المتكررة في المجتمع تعتبر ضرورة لاستمرار وجوده. وهذا الاستمرار مرهون بالوظائف التي يحددها المجتمع للأنشطة المتكررة تلبية لحاجاته.

    وتطبيق هذه المسلمات على وسائل الإعلام يفترض أن وسائل الإعلام هي عبارة عن عن عناصر الأنشطة المتكررة التي تعمل من خلال وظائفها على تلبية حاجات المجتمع، وتقوم العلاقة بين هذه العناصر وباقي العناصر والنظم الأخرى في المجتمع على أساس من الاعتماد المتبادل بين هذه العناصر والأنشطة لضمان استقرار المجتمع وتوازنه.


المحاضرة رقم 08:

نظرية الصراع الاجتماعي:

       ترى هذه النظرية أن الصراع هو الأساس في تفسير التغير في المجتمع، وإنه إذا كانت العناصر والأنشطة هي أساس الاستقرار، فإن الصراع بينها هو العملية الرئيسية في المجتمع وإن التغير في المجتمع هو نتيجة هذا الصراع، وليس نتيجة التطور أو الارتقاء الطبيعي الذي يحدث بفضل آليات التغير الاجتماعي.

    وتقوم الفكرة على أساس أن المجتمع يتكون من عناصر اجتماعية متصارعة، وأن الصراع كصورة من صور التفاعل بين العناصر المتصارعة هو الذي ينتج عنه التغير أو التطوير. وذلك مثل تفكير الفلاسفة القدماء في حدوث التغيير نتيجة للقوى المتعارضة أو المتضادة، وفي إطار المفاهيم الفلسفية مثل الخير والشر، الحقيقة والزائف، الجمال والقبح. وهو ما أطلق عليه فيما بعد "العملية الجدلية"Dialectic Process   أو الدياليكتيكية ، وقد استخدم أفلاطون صيغة جدلية في مناقشاته لمختلف القضايا في كتابه "الجمهورية". وقد اتخاذ هذا المفهوم أساسًا للأفكار الخاصة بالصراع وعلاقته بالتغيير الاجتماعي في كتابات "هيجل" و"كارل ماركس"و"فريدريك إنجلز".

ويمكن تلخيص الافتراضات الخاصة بهذا النموذج في الآتي:

1- يتكون المجتمع من فئات أو جماعات من الناس تختلف خصائصهم بشدة من فرد إلى آخر.

2- كل عناصر المجتمع تحاول تحقيق مصالحها الخاصة في منافسة مع الآخرين، أو المحافظة على مصالحها بمقاومة الجهود التنافسية للآخرين.

3- تستقر خبرات الصراع في تنظيم المجتمع، لأن عناصره تحاول تحقيق مكاسب جديدة أو الحفاظ على مكاسبها، وبالتالي فإن الصراع يوجد في كل مكان وزمان.

4- من خلال العملية الجدلية للمنافسة وصراع المصالح تحقق عملية التغيير، فالمجتمعات ليست في حالة توازن ولكنها في حالة تغيير دائم.

     وبتطبيق هذه الافتراضات على وسائل الإعلام في المجتمعات الحرة خاصة في أمريكا فهي عبارة عن مشروعات متنافسة تكرس جهودها لتحقيق أرباح، وتسعى كل وسيلة إعلامية، لتحقيق مصالحها وسط شبكة من القيود التشريعية والأخلاقية والقيمية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن هناك تاريخياً طويلاً من العداء والخصومة بين الصحافة والحكومة، وهناك مناطق أخرى للصراع مثل: الجدل حول حقوق وسائل الإعلام في مواجهة حق احترام خصوصية المواطنين، وحق وسائل الإعلام في حماية سرية مصادرها مقابل حق الحكومات في حماية أسرارها في أوقات الطوارئ والأزمات، وحق المواطنين في المحاكمة العادلة، خلال المعارك والصراعات القانونية حول هذه القضايا وغيرها، تتغير وسائل وأساليب الاتصال بشكل مستمر. هكذا يقدم نموذج الصراع الاجتماعي تصوراً مفيداً لدراسة القضايا الهامة المتعلقة بالنظم الإعلامية.

قائمة المراجع:

- ملفين ديفلور وساندرا روكيتش، نظريات الإعلام، القاهرة، 2016.

- حسني محمد نصر نظريات الإعلام، ط1، الامارات العربية المتحدة: دار الكتاب الجامعي، 2015

- العبد الله، نظريات الاتصال، ط1، بيروت: دار النهضة العربية 2010

- حسن عماد مكاوي وليلى حسين السيد، الاتصال ونظرياته المعاصرة، القاهرة: الدار المصرية اللبنانية، 2008.

- حسني محمد نصر، مقدمة في الاتصال الجماهيري: المداخل والوسائل، ط1، الكويت: مكتبة الفلاح، 2001.

- جهان رشتي، نظريات الإعلام، القاهرة، 1980.