مقدمة
القانون الدولي الانساني أو قانون النزاعات المسلحة أو قانون الحرب، هي مصطلحات تكاد تكون مشتركة لمفهوم يقصد به تقييد أطراف النزاع أثناء سير العمليات القتالية في استخدامهم للوسائل القتالية وقصر الهجمات على المنشآت العسكرية دون الأعيان المدنية واستهداف المقاتلين دون غير المقاتلين.
وقد عرفت الانسانية الحرب منذ نشأتها، باعتبارها ظاهرة انسانية واجتماعية فاقت فتراتها فترات السلم بفارق كبير فعلى مدى (5000) سنة حدثت (145000) حربا تسببت في موت (25) مليار إنسان.
وعلى مدى (2400) سنة الأخيرة من حياة البشرية لم ينعم العالم إلا ب(250) سنة سلام.
وأنه منذ عرف العالم الحرب العالمية في القرن العشرين، شهد ما يقرب من (250) صراعا مسلحا دوليا، وداخليا، بلغ عدد ضحاياها (170) مليون شخص، الأمر الذي ادى إلى حاجة المجتمع الدولي إلى تدوين الاعراف الدولية والاحكام المنظمة للحروب، وهو ما ادى إلى ابرام مجموعة من الاتفاقيات الدولية المتعددة الاطراف في نهاية القرن التاسع عشر والمعروفة باتفاقيات لاهاي وهي مجموعة من الاتفاقيات تضم قواعد تنظيم الحرب ووسائلها.[1]
وقد عرفت البشرية على مر العصور احكاما ومبادئ تخضع لها الحروب من القواعد التي تستهدف تنظيم اساليب ووسائل القتال في الحروب البرية والبحرية. وقد تم تطويرها بعد هول الحرب العالمية الثانية بإبرام اتفاقيات جنيف الأربع لعام (1949) المعروفة باسم قانون جنيف، من اجل اعمال الاعتبارات الانسانية وحماية حقوق الانسان أثناء النزاعات المسلحة.
وقد ادى تحريم الحرب وفق نص الفقرة الرابعة من المادة الثانية (2/4) من ميثاق الأمم المتحدة إلى عزوف الفقه الدولي عن دراسة قانون الحرب ورفض لجنة القانون الدولي بالأمم المتحدة بإدراجه في قائمة الموضوعات التي وضعت في جدول أعمالها حتى لا يعتقد الرأي العام العالمي بوجود تناقض بين أهداف ومبادئ الأمم المتحدة، الأمر الذي ادى باختفاء مصطلح قانون الحرب ليحل محله اصطلاح جديد هو قانون المنازعات المسلحة.
ونظرا لتزايد النزاعات بعد الحرب العالمية الثانية وعجز المجتمع الدولي لوضع حد للنزاع المسلح بدأت الجماعة الدولية الاهتمام من جديد بالقانون المطبق في النزاعات المسلحة ليكون أكثر انسانية وبتكاتف مع الفقه الدولي، أدى بظهور مصطلح جديد هو القانون الدولي الإنساني ليطبق بعد ذلك على النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية. وقد اصبحت تتزايد أهميته يوما بعد يوم على أثر التقدم التكنولوجي الهائل في أساليب القتال وأدواته، الأمر الذي بات ومن الضروري الاهتمام بمضمون القانون الدولي الانساني وفحواه وقواعده وأحكامه والعمل على تطويرها.
ونقتصر في دراستنا على أهم موضوعات هذا الفرع المتمثلة نشأته وتطوره وفي مبادئه وأحكامه، وطبيعته الخاصة ومصادره وأشخاصه ونطاق تطبيقه، وهذا من خلال الخطة التالية:
الفصل الأول: القانون الدولي الإنساني تطوره ومبادئه: نتناول فيه مفهوم القانون الدولي الإنساني والعلاقة بينه وبين الفروع الأخرى، وإلى مصادره والجهات المعنية بالقانون الدولي الإنساني ، ثم أشخاص القانون الدولي الإنساني، وإلى نطاق تطبيقه، والحماية المقررة لغير المقاتلين في القانون الدولي الإنساني: ونتطرق فيه إلى الفئات المشمولة بالحماية التي نص عليها القانون الدولي الإنساني وشملها بالحماية.
الفصل الثاني: آليات القانون الدولي الإنساني: والمقصود بها الإجراءات التي يتخذها المجتمع الدولي لتنفيذ القانون الدولي الإنساني منها ما هو منصوص عليه في اتفاقيات جنيف وبروتوكوليها الإضافيين، كاللجنة الدولية للصليب الأحمر ، والدولة الحامية، ولجنة تقصي الحقائق، ومنها ماهي خارج الاتفاقيات كمجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية ومجلس حقوق الإنسان.
الفصل الثالث: مبدأ المسؤولية عن الحماية: وهو المبدأ الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة (2005)، الذي حل محل التدخل الإنساني، وأقره مجلس الأمن في العديد من قراراته.
ليتم من خلال دراسة هذه المحاور الوقوف على تنفيذ البرنامج المقرر لطلبة ماستر قانون دولي عام