مقدمة:
أعددنا هذه الدروس وقدمناها في شكل محاضرات تتطرق بالشرح الوافي إلى النماذج القياسية المستخدمة في معالجة مواضيع التجارة الدولية المعمقة، كما تعد هذه الدروس بمثابة مرشد لطلبتنا، وللمهتمين بهذا المجال البحثي، حيث تمكنهم من الإطلاع على محتوى المادة واستيعابه، وسنقوم بتقديمها من خلال الآتي:
أ-تمهيد:
إن التطرق لمحتوى مقياس تمويل التجارة الدولية المعمقة يمكن الطلاب والمهتمين بهذا المجال إلى التعرف إلى مجموعة من المفاهيم الأساسية، والتي يتم من خلالها الاطلاع على أهم النماذج القياسية التي تستعمل في مجال التجارة الدولية بمختلف تفرعاتها. سواء تعلق الامر بالمصادر المحلية والأجنبية لتمويل التجارة الدولية، والفرص الاستثمارية التي يوفرانها، وما ينتج عنه من حركة لرؤوس الأموال على المستوى العالمي، والمخاطر التي تصاحب هذه الحركة، وكذا البدائل التي يتم اللجوء إليها سواء بالتوجه إلى عملية الاقتراض والشروط المصاحبة لها، أو اللجوء إلى مؤسسات التمويل الدولية وفق قيود معينة لضمان حقوق جميع المتعاملين.
ب- الهدف:
نهدف من خلال هذا العمل إلى إظهار أهمية الدراسات القياسية المرتبطة بمكونات التجارة الدولية في عملية التمويل على المستوى المحلي والدولي، والشروط المحددة لتصنيفها، ومؤشرات تطورها، والأدوات الاستثمارية المتاحة للمستثمرين المحليين والأجانب، هذا من جهة.
ومن جهة ثانية سنحاول دراسة حركة رؤوس الأموال المصاحبة لهذه الاستثمارات، والعوامل الأساسية المؤثرة عليها، خاصة ما تعلق سعر الصرف والتضخم، ومعدل الفائدة؛ وقنوات انتقالها الرسمية، والوسائل القانونية والتقنية المساعدة على ذلك، والمخاطر التي يمكن أن تنتج عنها والمتمثلة أساسا في إمكانية ظهور أزمات مالية وانتقالها من بلد لآخر.
كما سنعمل على إبراز البدائل المتاحة لهذه الأسواق، والمتمثلة في اللجوء إلى المديونية الخارجية، والتوجه لمؤسسات التمويل الدولية، والتي سنحاول التعريف بها، والتطرق إلى أهم أنشطها، والشروط التي تعمل من خلالها على المستوى العالمي، وذلك من خلال ما يلي:
1. استقرار الدوال والتكامل المشترك ونموذج تصحيح الخطأ.
أ- استقرار الدوال:
للتمكن من دراسة التغيرات التي تحصل في الظواهر الاقتصادية في المستقبل وتحديد قيم هذه التغيرات لابد من الاعتماد على إنشاء السلاسل الزمنية وتحليلها. والسلسلة الزمنية هي سلسلة من القيم العددية لمؤشر إحصائي يعكس تغير الظاهرة بالنسبة إلى الزمن. وكل قيمة عددية في السلسلة تقابل لحظة زمنية أو مدة زمنية محددة. ويمكن أن تكون المدة أياماً أو شهوراً أو سنوات. وتُنشَأ سلسلة زمنية عن طريق مراقبة الظاهرة المدروسة مدة من الزمن وقياسها في مدد زمنية متساوية بهدف الحصول على قيمها.
والهدف من دراسة السلسلة الزمنية وتحليلها هو تعرّف التغيرات التي طرأت على الظاهرة التي تمثلها في مدة من الزمن. ثم تحليل أسبابها ونتائجها وتحديد اتجاهها حتى يمكن استخدامها للتقدير والتنبؤ بالمستقبل. وتُستخدم مؤشرات الزيادة المطلقة ومؤشرات الزيادة النسبية لتحديد مقدار تغير الظاهرة المدروسة واتجاهها وسرعتها. وهي نوعان سلاسل زمنية آنية وسلاسل زمنية مديدة.
ولأن الاتجاه العام للسلاسل الزمنية يعكس تغيرات أساسية طويلة الأمد وتأخذ شكلها بصورة تدريجية، وتستمر في اتجاه واحد مدة طويلة من الزمن فإنه يمكن استخدامها للتنبؤ بالمستقبل.
وللتنبؤ بسلوك مسار الاتجاه العام للظاهرة في المستقبل يجب استخدام أحد منحنيات النمو المعبر عنها بعلاقة رياضية أو بنموذج رياضي. وباستخدام هذا النموذج الرياضي يمكن تحديد معدل نمو السلسلة الزمنية موضوع الدراسة وتحديد الاتجاه العام لهذه السلسلة وتحديد القيمة التي يمكن أن يصل إليها هذا الاتجاه في المستقبل.
ب- التكامل المشترك:
ترتكز هذه التقنية على السلاسل الزمنية غير المستقرة، في حين تكون التركيبات الخطية التي فيما بينها مستقرة، وجود التكامل المشترك مرتبط باختبارات الجذر الوحدوي للتحقق من استقرار السلاسل، كما تسمح هذه الاختبارات من التأكد من وجود تكامل مشترك أي التقارب بين سيرورات السلاسل الزمنية.
ج- نموذج تصحيح الخطأ:
هذا النوع من النمذجة، كون السلسلتين متكاملتين وغير مستقرتين يزيد من مشكل التقدير. المعنوية الإحصائية للنموذج هي السبب في كون أن السلسلتين غير مستقرتين (أي هناك تكامل مشترك). إن استعمال الانحدار المباشر Yt على Xt يعتبر غير ممكن باعتبار أن العلاقة المفترضة انطلاقا من هذا الانحدار ليست واقعية، فينجم عن ذلك الحصول على علاقة بين اتجاهين.
2. تحليل التباين ونماذج بانيل.
لكل نموذج قياسي لبانيل طريقة معينة لتقديره؛ بحيث إذا كان أحسن نموذج للمعطيات مأخوذة هو نموذج ذو الأثر الثابت، فإن أحسن طريقة لتقدير هذه المعطيات تتمثل في طريقة المربعات الصغرى ذات المتغيرة الصورية (LSDV)، أما إذا كان أحسن نموذج هو النموذج ذو الأثر العشوائي فان أحسن طريقة تتمثل في طريقة المربعات الصغرى المعممة أو طريقة التفكيكيك المتمثلة في المقدر ما بين الأفراد Between و المقدر داخل الأفراد Within .
من أجل التفرقة بين أحسن نموذج ما بين النموذج الكلي (Pooled) و النموذج ذو الأثر الثابت، نستعمل اختبار الأثر الجماعي والذي يأخذ بعين الاعتبار معامل التحديد لكلا التقديرين، وهذا من أجل أخذ أحسن نموذج؛ أما من أجل إثبات وجود الأثر العشوائي وقبوله في المرحلة الأولى نستعمل اختبار(Breusch and Pagan) والذي يستعمل مضاعف لاقرانج، بينما لأخذ أحسن نموذج ما بين كل من النموذج ذو الأثر العشوائي والثابت؛ نستعمل اختبار هوسمان(Hausman). في حالة وجود ارتباط الأخطاء و عدم تجانس تباينات الأفراد، بد من اختبار وجود أو عدم وجود تجانس تباين الأخطاء، ومن أجل ذلك نستعمل اختبار Wald.
3. نماذج التنبؤ.
يتمثل أساسا الهدف الأساسي للاقتصاد القياسي في اختبار النظرية الاقتصادية، وعليه فان من أهم المؤشرات لنجاح النظرية الاقتصادية توافق إشارة المعاملات المقدرة للنموذج القياسي. والاختبار الأكثر أهمية ماذا كان يعطى تنبؤ أكثر دقه من النظريات الاقتصادية التي تم اقتراحها مسبقا، مما يلزم الباحث مقارنة النموذج الحالي مع النماذج السابقة.
النموذج الاقتصادي هو مجموعه من الافتراضات التي تصف بالتقريب سلوك اقتصاد معين أو قطاع من الاقتصاد، ويتكون النموذج القياسي مما يلي:
أ - مجموعه من المعادلات السلوكية المشتقة من نموذج اقتصادي؛ هذه المعادلات تتضمن بعض المتغيرات و متغير عشوائي والذي يتضمن جميع المتغيرات والتي تعتبر غير رئيسيه في وصف الغرض المطلوب للنموذج
ب- يفيد ما إذا كان إذا ما كان هناك خطأ في المشاهدات المتحصل عليها؛
ج - تحديد توزيع الاحتمالات للمتغير العشوائي.
وفق هذه المحددات نستطيع أن نواصل اختبار صحة النموذج الاقتصادي، ويستخدم للتبوء أو تحليل سياسة اقتصادية معينه.
لمن توجه هذه المحاضرات:
نشير في الأخير أن هذه الدروس موجه بالأساس إلى طلبة الدكتوراه تخصص تجارة دولية، وطلبة الماستر تخصص مالية وتجارة دولية، وذلك باعتبار مقياس تمويل التجارة الدولية ضمن المواد الذي تدرس في هذين التخصصين، بحيث يتناول محاور هامة تصب في صميم التكوين، كما يمكن للتخصصات التي تحتوي برامجها على هذه المادة الاستفادة منها. هذا ونسأل الله العلي القدير أن نكون قد وفقنا في إدراك المقصود، والله ولي التوفيق.
الدكتور: مختاري عبد الجبار